كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> قال الراغب‏:‏ لذة العفو أطيب من لذة التشفي لأن لذة العفو يلحقها حمد العاقبة ولذة التشفي يلحقها ذم الندم والعقوبة وآلام حالات ذوي القدرة وهي طرف من الجزع‏.‏

- ‏(‏خط عن ابن عباس‏)‏ وفيه أحمد بن إسحاق البغدادي قال الخطيب‏:‏ روى عنه أبو عوانة خبراً معللاً من عفا إلخ فما أوهمه صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غبر جيد‏.‏

8856 - ‏(‏من عفا عن قاتله دخل الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب أو هو إعلام بوفاته على الإسلام والأمن من سوء الخاتمة‏.‏

- ‏(‏ابن منده‏)‏ الحافظ المشهور ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏الراسبي‏)‏ قال صالح جزرة نزل البصرة قال الذهبي في الصحابة‏:‏ جاء في حديث مظلم عن أبي شداد عنه اه،‏.‏ وهنا أمران الأول أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله هذا حديث غريب إن كان محفوظاً اهـ‏.‏ الثاني أنه تبعه على قول الراسبي وليس بصواب فقد قال أبو نعيم قوله الراسبي وهم وإنما هو الأنصاري اهـ‏.‏ بنصه وأقره عليه الحافظ ابن حجر‏.‏

8857 - ‏(‏من علق‏)‏ على نفسه أو غيره من طفل أو دابة ‏(‏تميمة‏)‏ هي ما علق من القلائد لرفع العين ‏(‏فقد أشرك‏)‏ أي فعل فعل أهل الشرك وهم يريدون به دفع المقادير المكتوبة قال ابن عبد البر‏:‏ إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن ‏[‏ص 181‏]‏ أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك‏.‏

- ‏(‏حم ك عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني قال المنذري‏:‏ رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد ثقات‏.‏

8858 - ‏(‏من علق ودعة‏)‏ بفتح أو سكون على نحو ولده ‏(‏فلا ودع اللّه له‏)‏ أي لا جعله في دعة وسكون وهو لفظ بنى من الودعة أي لا خفف اللّه عنه ما يخافه كذا ذكره ابن الأثير وهذا دعاء أو خبر وكذا يقال في قوله ‏(‏ومن علق تميمة فلا تمم اللّه له‏)‏ قال في مسند الفردوس‏:‏ الودعة شيء يخرج من البحر شبه الصدف يتقون به العين والتميمة خرزات تعلق على الأولاد للعين فأبطل النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك‏.‏

<تنبيه> قال ابن حجر كغيره‏:‏ محل ما ذكر في هذا الخبر وما قبله تعليق ما ليس فيه قرآن ونحوه أما ما فيه ذكر اللّه فلا نهي عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره وكذا لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء والسرف‏.‏

- ‏(‏حم ك عنه‏)‏ ورواه أيضاً الطبراني قال الهيثمي‏:‏ رجالهم ثقات‏.‏

8859 - ‏(‏من علم أن الصلاة عليه حق واجب‏)‏ في رواية بدل واجب مكتوب ‏(‏دخل الجنة‏)‏ لأنه إذا تيقن حقيقتها وأنها عليه لا يتركها وإذا واظبها كفرت ما بينها من الصغائر فدخل الجنة مع السابقين الأولين ومن جحد حقيقتها كفر فلا يدخل الجنة بل مأواه النار خالداً فيها‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن عثمان‏)‏ بن عفان قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي في التلخيص ولكنه في المهذب قال‏:‏ فيه عبد الملك مجهول وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد موثقون‏.‏

8860 - ‏(‏من علم أن اللّه ربه وأني نبيه موقناً من قلبه‏)‏ زاد الطبراني وأومأ بيده إلى جسده ‏(‏حرمه اللّه على النار‏)‏ أي نار الخلود‏.‏

<فائدة> سئل الصديق‏:‏ بم عرفت ربك قال‏:‏ عرفت ربي بربي فقيل‏:‏ هل يمكن بشر أن يدركه فقال‏:‏ العجز عن درك الإدراك إدراك، وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد عليٌّ كرم اللّه وجهه‏:‏ بم عرفت ربك قال‏:‏ بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده وكذا الخطيب وأبو نعيم في الحلية ‏(‏عن عمران‏)‏ بن الحصين رمز لحسنه‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عمران القصير وهو متروك وعبد اللّه بن أبي القلوص‏.‏

8861 - ‏(‏من علم‏)‏ من أهل القرى الخارجة عن بلد الجمعة ‏(‏أن الليل يأويه إلى أهله‏)‏ إذا سار إلى محل إقامتها ‏(‏فليشهد الجمعة‏)‏ أي فليحضر صلاتها ليصليها أي يلزمه ذلك ومذهب الشافعي أن العبرة بسماع النداء تمسكاً بخبر الجمعة على من سمع النداء‏.‏

- ‏(‏هق عن أبي هريرة‏)‏ عده ابن الجوزي من الأحاديث الواهية وأعله بمعارك بن عباد وقال الذهبي في المهذب‏:‏ هذا الحديث ضعيف بمرة وفيه عبد اللّه بن سعيد متروك‏.‏

8862 - ‏(‏من علم الرمي‏)‏ أي رمي النشاب ‏(‏ثم تركه فليس منا‏)‏ أي من علم رمي السهم ثم تركه فليس من المتخلقين بأخلاقنا والعاملين بسنتنا أو ليس متصلاً بنا ولا داخلاً في زمرتنا وهذا أشد ممن لم يتعلمه لأنه لم يدخل في زمرتهم وهذا دخل ثم خرج فكأنه استهزاء به وهو كفران لتلك النعمة الخطيرة فيكره ذلك كراهة شديدة لما في التهديد من التشديد وثم للتراخي في الرتبة يعني رتبة الترك متراخية عن رتبة التعلم فلا يقدر عليها لا للتراخي في الزمن للحوق الوعيد له وإن ‏[‏ص 182‏]‏ كان الترك عقب التعلم وهذا تشديد عظيم في نسيانه بعد تعلمه‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الجهاد من حديث عبد الرحمن المهدي ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ قال عبد الرحمن‏:‏ قال رجل لعقبة كيف تختلف بين هذين الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك فقال سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره ولم يخرجه البخاري‏.‏

8863 - ‏(‏من علم‏)‏ بفتح اللام المشددة بضبط المصنف ‏(‏علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل‏)‏ لأن العامل إنما يتلقى كيف تصحيح عمله من العالم فله الأجر على حسب الانتفاع بعلمه‏.‏

- ‏(‏ه عن معاذ بن أنس‏)‏ وفيه سهل بن معاذ ضعفه كثيرون لكن الترمذي حسن له واحتج به الحاكم وهذا الخبر مما انفرد به ابن ماجه‏.‏

8864 - ‏(‏من علم‏)‏ بالتشديد بضبطه ‏(‏آية من كتاب اللّه أو باباً من علم أنمى اللّه أجره إلى يوم القيامة‏)‏ وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي من علم آية من كتاب اللّه أو سنة في دين اللّه هيأ له اللّه من الثواب يوم القيامة ما لا يكون ثواب أفضل مما تهيأ له‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

8865 - ‏(‏من عمر‏)‏ بفتح العين وبالتشديد بضبطه ‏(‏ميسرة المسجد كتب اللّه له كفلين من الأجر‏)‏ أي نصيبين منه قاله لما ذكر أن ميسرة المسجد قد تعطلت وأصل هذا الحديث أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما رغب في تفضيل ميامن الصفوف عطل الناس ميسرة المسجد فقيل له ذلك فذكره فأعطى أهل الميسرة في هذه الحالة ضعف ما لأهل الميمنة من الأجر وليس لهم كما قال المؤلف وغيره ذلك في كل حال وإنما خص بذلك هذه الحالة لما صارت معطلة‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ في إسناده مقال‏.‏

8866 - ‏(‏من عمر‏)‏ بفتح العين وبالتشديد بضبطه ‏(‏جانب المسجد الأيسر‏)‏ بالصلاة فيه ‏(‏لقلة أهله فله أجران‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ هذا وما قبله إن ثبت لا يعارض الخبر إن اللّه وملائكته يصلون على ميامن الصفوف لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه بقية وهو مدلس وقد عنعنه لكنه ثقة، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور‏.‏

8867 - ‏(‏من عمر‏)‏ بضم العين والتشديد ‏(‏من أمتي سبعين سنة فقد أعذر اللّه إليه في العمر‏)‏ أي بلغ أقصى العذر أو لم يبق له عذر في الرجوع إلى اللّه بطاعته لما شاهد من العبر مع ما أرسل إليه من الإنذار‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ وكذا القضاعي ‏(‏عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي وقال الحاكم‏:‏ على شرط البخاري ولم يخرجاه قال الزيلعي‏:‏ ووهم إذ هو في البخاري بلفظ من عمره اللّه ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر‏.‏

8868 - ‏(‏من عمل عملاً‏)‏ أي أحدث فعلاً ‏(‏ليس عليه أمرنا‏)‏ أي حكمنا وإذننا ‏(‏فهو رد‏)‏ أي مردود عليه فلا يقبل منه وفيه دليل للقاعدة الأصولية أن مطلق النهي يقتضي الفساد لأن المنهي عنه مخترع محدث وقد حكم عليه بالرد المستلزم ‏[‏ص 183‏]‏ للفساد، قال الشيخ ابن حجر الهيثمي‏:‏ وزعم أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الواحد باطل قال العلائي‏:‏ وفيه أيضاً دليل على اعتبار ما المسلمون عليه من جهة الأمر الشرعي أو العادة المستقرة فإن عموم قوله ليس عليه أمرنا يشمله قال‏:‏ وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة‏.‏

- ‏(‏حم م عن عائشة‏)‏ وعلقه البخاري في صحيحه‏.‏

8869 - ‏(‏من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله‏)‏ قال مخرجه الترمذي‏:‏ قال أحمد بن منيع قالوا من ذنب قد تاب منه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الزهد من حديث محمد بن الحسن بن أبي يزيد عن ثور عن خالد بن معدان ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل وقال أعني الترمذي‏:‏ حسن غريب وليس إسناده بمتصل اهـ‏.‏ وقال البغوي‏:‏ هو منقطع لأن خالد بن معدان لم يدرك معاذاً ومحمد بن الحسن ابن أبي يزيد قال أبو داود وغيره‏:‏ كذاب، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف في مختصره سوى بأن له شاهداً وهو قول الحسن كانوا يقولون من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يبتليه اللّه به، ومن العجب أن المؤلف لم يكتف بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضاً‏.‏

8870 - ‏(‏من غدا إلى المسجد‏)‏ في رواية خرج وفي رواية يخرج ‏(‏وراح‏)‏ أي ذهب ورجع وأصل الغدو الرواح بغدوة والرجوع بعشية استملال في كل ذهاب ورجوع توسعاً ‏(‏أعد اللّه‏)‏ أي هيأ ‏(‏له نزلاً‏)‏ أي محلاً ينزله والنزل بضمتين المحل الذي يهيأ للنزول فيه وبضم فسكون ما يهيأ للقادم من نحو ضيافة فعلى الأول من في قوله ‏(‏من الجنة‏)‏ للتبعيض وعلى الثاني للتبيين وفي رواية بدل من في وهي محتملة لهما وفي رواية للبخاري أو راح بأو فعلى الواو لا بد من الأمرين حتى يعدّ له النزل وعلى أو يكفي أحدهما في الإعداد وكذا يقال في قوله ‏(‏كلما غدا وراح‏)‏ أي بكل غدوة وروحة إلى المسجد قال بعضهم‏:‏ الغدو والرواح كالبكرة والعشي في قوله ‏{‏ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً‏}‏ أراد بهما الديمومة لا الوقتين المعلومين لأن المسجد بيت اللّه فمن دخله لعبادة أي وقت كان أعد اللّه له أجره لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين وفي قوله كلما إيماء إلى أن الكلام فيمن تعود ذلك‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو نعيم وغيره‏.‏

8871 - ‏(‏من غدا‏)‏ أي ذهب ‏(‏إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان ومن غدا إلى السوق غدا براية إبليس‏)‏ قال الطيبي‏:‏ تمثيل لبيان حزب اللّه وحزب الشيطان فمن أصبح يغدو إلى المسجد كأنه يرفع أعلام الإيمان ويظهر شرائع الإسلام ويتحرى في توهين أمر المخالفين، وفيه ورد الحديث المار فذلكم الرباط ومن أصبح يغدو إلى السوق فهو من حزب الشيطان يرفع أعلامه ويشد من شوكته وينصر حزبه ويتوخى توهين دينه وفي قوله يغدو إشارة إلى أن التبكير إلى السوق محظور وأن من تأخر وراح بعد أداء وظائفه لطلب الحلال وما يقيم صلبه ويتعفف به عن السؤال كان من حزب اللّه وهذا إعلام بإدامته في الأسواق وجميع أعوانه وإذا كانت موطنه فينبغي أن لا يدخلها الرجل إلا بقدر الضرورة كبيت الخلاء فحق من ابتلى بدخولها أن يخطر بباله أنه بمحل الشيطان وحزبه‏.‏

- ‏(‏ه عن سلمان‏)‏ الفارسي وفيه عنبس ابن ميمون قال في الكاشف‏:‏ ضعفه ابن معين وغيره‏.‏

8872 - ‏(‏من غدا أو راح‏)‏ قال الزركشي‏:‏ أصل غدا خرج بغدو أي مبتكراً أو راح رجع بالعشي ثم قد يستعملان في الخروج ‏[‏ص 184‏]‏ مطلقاً توسعاً وهذا الحديث وما قبله يصلح أن يحمل على الأصل وعلى التوسع ‏(‏وهو في تعليم دينه فهو في الجنة‏)‏ أي إن قصد به وجه اللّه وعمل بعلمه وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتطهيره من كل غش ودنس وحقد وغلّ ليصلح بذلك لقبول العلم والإطلاع على دقائقه وحقائق غوامضه فإن العلم كما قيل صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر عن الحدث والخبث فلا يحصل العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات ومساوئ الأخلاق، والحاصل أن العلم إن خلصت فيه النية زكا ونما وأدخل صاحبه الجنة وإن قصد به غير اللّه حبط وضاع واستحق صاحبه النار‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي سعيد‏)‏ الخدري وقال‏:‏ غريب من حديث مسعر عن عطية اهـ وفيه الفضل بن الحكم وفيه كلام‏.‏

8873 - ‏(‏من غرس غرساً لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق اللّه إلا كان له صدقة‏)‏ أي يثاب عليه ثواب الصدقة وإن لم يكن باختياره ولم يعلم به وهذا الحديث كما ترى مدح لعمارة الأرض ويوافقه قوله تعالى ‏{‏واستعمركم فيها‏}‏ وقوله ‏{‏أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوّة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها‏}‏ وورد في أخبار وآيات أخر ذمّ عمارتها، كخبر‏:‏ الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وفي الحقيقة لا تعارض ولا تخالف فإن ما جاء في ذمّ الدنيا وعمارتها فباعتبار من رضيها حقاً لنفسه وجعلها قاضية مراده كما قال تعالى ‏{‏ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها‏}‏ وما جاء في مدحها فباعتبار تناولها واتفاق ما يحصل من الغلات على ما يحمد، ولذلك قال علي كرم اللّه وجهه‏:‏ الدنيا دار تجارة لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا الطبراني في الكبير من هذا الوجه ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ رمز المصنف لحسنه، وسببه أن رجلاً مر بأبي الدرداء وهو يغرس غرساً بدمشق فقال له‏:‏ أتفعل هذا وأنت صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ لا تعجل عليَّ سمعته يقول فذكره قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر‏.‏

8874 - ‏(‏من غزا في سبيل اللّه‏)‏ أي للجهاد ‏(‏ولم ينو‏)‏ وفي رواية وهو لا يريد ‏(‏إلا عقالاً‏)‏ هو ما يربط به ركبة البعير ‏(‏فله ما نوى‏)‏ قال الطيبي‏:‏ العقال حبل يشد به ركبة البعير وهو مبالغة في قطع النظر عن الغنيمة بل يكون غزوه خالصاً للّه غير مشوب بغرض دنيوي فإنه ليس للإنسان إلا ما نوى اهـ‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ أراد الشيء التافه الحقير فضرب مثلاً له‏.‏

- ‏(‏حم ن ك عن عبادة‏)‏ بن الصامت‏.‏

8875 - ‏(‏من غسل ميتاً فليغتسل‏)‏ قال أحمد‏:‏ هذا منسوح وكذا جزم أبو داود، وفي خبر الحبر‏:‏ ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، أو يجمع بحمل الأمر على الندب أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما يصرح به خبر عند الخطيب وغيره‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ وهذا أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث‏.‏

- ‏(‏حم عن المغيرة‏)‏ بن شعبة وخرجه الترمذي في العلل ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال لا يصح في هذا الباب شيء قال ابن الجوزي‏:‏ طرقه كلها لا تصح وقال الهيثمي‏:‏ في سنده من لم يسم اهـ، لكن رمز المصنف لحسنه أخذاً من قول الحافظ ابن حجر طرقه كثيرة وفيه خلاف طويل وأسوأ أحواله أن يكون حسناً فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض وقال الذهبي‏:‏ طرقه أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء اهـ، وذكر الماوردي أن بعض المحدثين خرج له مئة وعشرين طريقاً‏.‏

8876 - ‏(‏من غسل الميت فليغتسل‏)‏ قال الخطابي‏:‏ إنما أمر به لإصابة الغسل من رشاش المغسول وربما كان ببدن الميت نجاسة وهو لا يعلم ‏(‏ومن حمله‏)‏ قال البغوي‏:‏ أي مسه ‏(‏فليتوضأ‏)‏ قال الخطابي‏:‏ لم ار أحداً قال بوجوب الوضوء من حمله وقيل معناه ليكن حامله على وضوء ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت‏.‏

- ‏(‏د ه حب عن أبي هريرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن وضعفه الجمهور وقال ابن حجر‏:‏ ذكر له البيهقي طرقاً وضعفها ثم صحح وقفه وقال البخاري‏:‏ الأشبه موقوف وقال ابن الجوزي‏:‏ فيه محمد بن عمرو قال يحيى‏:‏ ما زال الناس يتوقون حديثه‏.‏

8877 - ‏(‏من غسل ميتاً فستره ستره اللّه من الذنوب‏)‏ يحتمل أن المراد ستر عورته ويحتمل أن المراد ستر ما يبدو له من علامة ردية كظلمة ويحتمل الأمرين وهو أظهر ‏(‏ومن كفنه كساه اللّه من السندس‏)‏ قال النووي‏:‏ فيه أنه يسن إذا رأى الغاسل ما يعجبه أن يذكره وإذا رأى ما يكره لا يحدث به قال‏:‏ وهكذا أطلقه أصحابنا لكن قال صاحب البيان‏:‏ لو كان الميت مبتدعاً معلناً ببدعته فينبغي ذكر ما يكره منه زجراً للناس عن البدعة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ وضعفه المنذري وقال الهيثمي‏:‏ فيه أبو عبد اللّه الشامي لم أجد من ترجمه اهـ‏.‏ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في المعرفة بزيادة ولفظه من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه اللّه من السندس والإستبرق ومن حفر له قبراً فكأنما أسكنه مسكناً حتى يبعث‏.‏

8878 - ‏(‏من غسل ميتاً فليبدأ‏)‏ في تغسيله ‏(‏بعصره‏)‏ يعني يمر يده على بطنه ليخرج ما فيه من أذى ثلاثاً ويتعهد مسح بطنه في كل مرة من الثلاث أرفق مما قبلها وهذا مندوب لا واجب‏.‏

- ‏(‏هق عن ابن سيرين مرسلاً‏)‏ ظاهره أن البيهقي لم يذكر له علة سوى الإرسال والأمر بخلافه بل قال مرسلاً وراويه ضعيف اهـ‏.‏ واستدرك عليه الذهبي في المهذب فقال‏:‏ قلت فيه جماعة ضعفاء‏.‏

8879 - ‏(‏من غش‏)‏ أي خان والغش ستر حال الشيء ‏(‏فليس منا‏)‏ أي من متابعينا‏.‏ قال الطيبي‏:‏ لم يرد به نفيه عن الإسلام بل نفي خلقه عن أخلاق المسلمين أي ليس هو على سنتنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان كما يقول الإنسان لصاحبه أنا منك يريد الموافقة والمتابعة قال تعالى عن إبراهيم ‏{‏فمن تبعني فإنه مني‏}‏ وهذا قاله لما مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فابتلت أصابعه فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ أصابته السماء قال‏:‏ أفلا صببته فوق الطعام ليراه الناس‏؟‏ ثم ذكره‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ ظاهر عدوله للترمذي واقتصاره عليه أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد خرجه مسلم في الصحيح بلفظ من غشنا فليس منا بل عزاه المصنف نفسه إلى الشيخين معاً في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر‏.‏

8880 - ‏(‏من غش العرب لم يدخل في شفاعتي‏)‏ أي يوم القيامة ‏(‏ولم تنله مودّتي‏)‏ في ذلك الموقف الأعظم‏.‏ قال الحكيم‏:‏ غشهم أن يصدهم عن الهدى أو يحملهم على ما يبعدهم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فمن فعل ذلك فقد قطع الرحم بينهم وبين النبي صلى اللّه عليه وسلم فبسبب ذلك يحرم مودّته وشفاعته ومن غشهم حسدهم على ما آتاهم اللّه من فضله ووضع رفعتهم وتحقير شأنهم، وقال ابن تيمية‏:‏ هذا كخبر يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك قال‏:‏ كيف أبغضك وبك هداني اللّه ‏[‏ص 186‏]‏ قال‏:‏ تبغض العرب فتبغضني اهـ، فهذا قريب من معناه فإن الغش للنوع لا يكون مع محبتهم بل لا يكون إلا مع استخفاف أو نقص‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في المناقب عن حفص بن عمر الأحمسي عن مخارق عن طارق ‏(‏عن عثمان‏)‏ وقال‏:‏ غريب اهـ، وحفص الأحمسي قال الذهبي‏:‏ ضعفوه، وقال ابن تيمية‏:‏ ليس عند أهل الحديث بذاك والرواية المنكرة ظاهرة عليها وقد أنكر أكثر الحفاظ أحاديث حفص، وقال البخاري وأبو زرعة‏:‏ هو منكر الحديث‏.‏

8881 - ‏(‏من غشنا فليس منا‏)‏ أي ليس على منهاجنا لأن وصف المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش ‏(‏والمكر والخداع في النار‏)‏ أي صاحبهما يستحق دخولها لأن الداعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها والرغبة فيها وذلك يجر إليها وأخذ الذهبي من الوعيد على ذلك أن الثلاثة من الكبائر فعدها منها‏.‏

- ‏(‏طب حل عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الكبير وللصغير معاً‏:‏ رجاله ثقات وفي عاصم بن بهدلة كلام لسوء حفظه‏.‏

8882 - ‏(‏من غل بعيراً أو شاة أتى به يحمله يوم القيامة‏)‏ قال المظهر‏:‏ معناه من سرق شيئاً في الدنيا من زكاة أو غيرها يجيء به يوم القيامة وهو حامله وإن كان حيواناً له صوت رفيع ليعلم أهل الموقف حاله فتكون فضيحته أشهر، وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يشدد في الغلول كثيراً وأمر الخليفتان الراشدان بعده بتحريق متاع الغال فقيل هو منسوخ بالأخبار التي لم يذر التحريق فيها، وقال ابن القيم‏:‏ الصواب أنه من باب التعزير والعقوبة المالية الراجعة إلى اجتهاد الإمام بحسب المصلحة‏.‏

- ‏(‏حم والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن عبد اللّه بن أنيس‏)‏ بالتصغير‏.‏

8883 - ‏(‏من غلب على ماء‏)‏ مباح أي سبق إليه ‏(‏فهو أحق به‏)‏ من غيره حتى تنتهي حاجته وليس لأحد إزعاجه قبل انقضاء حاجته‏.‏

- ‏(‏طب والضياء عن سمرة‏)‏ بن جندب‏.‏

8884 - ‏(‏من فاته الغزو معي فليغز في البحر‏)‏ زاد في رواية فإن غزوة في البحر أفضل من غزوتين في البر وفي رواية من عشر غزوات وبه استدل من فضل غزو البحر على البر وعكس آخرون وعليه ابن عبد البر كما مر‏.‏

- ‏(‏طس عن واثلة‏)‏ ابن الأسقع قال الهيثمي‏:‏ فيه عمرو بن الحصين وهو ضعيف‏.‏

8885 - ‏(‏من فدى أسيراً من أيدي العدو‏)‏ أي الكفار ‏(‏فأنا ذلك الأسير‏)‏ أي فكأني أنا المأسور فرضاً وقد فداني فله من الأجر في فدائه مثل ماله في فدائي وهذا خرج مخرج الترغيب الشديد والحث الأكيد على فكاك الأسرى وبذلك الجهد في ذلك وأن فيه من الثواب ما لا يحيط بقدره ووصفه إلا الوهاب‏.‏

- ‏(‏طص عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه أيوب بن أبي حجر قال أبو حاتم‏:‏ أحاديثه صحاح وضعفه الأزدي وبقية رجاله ثقات‏.‏

8886 - ‏(‏من فر من ميراث وارثه‏)‏ بأن فعل ما فوّت بإرثه عليه في مرض موته ‏(‏قطع اللّه ميراثه من الجنة يوم القيامة‏)‏ أفاد أنّ حرمان الوارث حرام بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره من حديث سويد بن سعيد عن عبد الرحيم بن يزيد العمي عن أبيه‏.‏

- ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وهؤلاء الثلاثة ضعفاء ومن ثم قال الشيباني حديث ضعيف ‏[‏ص 187‏]‏ جداً انفرد به ابن ماجه وقال الذهبي في الكبائر‏:‏ في سنده مقال، وقال المنذري‏:‏ ضعيف‏.‏

8887 - ‏(‏من فرّق بين والدة وولدها‏)‏ بما يزيل الملك ‏(‏فرق اللّه بينه وبين أحبته يوم القيامة‏)‏ فالتفريق بين الأمة وولدها بنحو البيع أو الهبة حرام شديد التحريم عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك بشرط كونه قبل التمييز عند الشافعي وقبل البلوغ عند أبي حنيفة وكذا مالك في رواية ابن غانم عنه وفي رواية عنه قبل أن يثغر وسواء رضيت الأمّ أم لا عند الشافعي وقال مالك‏:‏ يجوز برضاها، وذهب بعض الأئمة إلى منع التفريق بينهما مطلقاً وقال كما قال ابن العربي‏:‏ إنه ظاهر الحديث لأنه لم يفرق بين الوالدة وولدها بلفظ بين وفرق في جوابه حيث كرر بين في الثاني ليدل على عظم هذا الأمر وأنه لا يجوز التفريق بينهما في اللفظ بالبيع فكيف التفريق بين ذواتيهما‏؟‏ ذكره جمع‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وفي درّة الغواص من أوهام الخواص أن يدخلوا بين المظهرين وهو وهم، وإنما أعادوها بين مظهر ومضمر لأن المضمر المتصل كجزء الكلمة فلا يعطف عليه بخلاف المظهر لاستقلاله‏.‏

- ‏(‏حم ت ك‏)‏ في البيع ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ خالد بن يزيد الأنصاري قال الترمذي‏:‏ حسن غريب قال ابن القطان‏:‏ ولم يصححه لأنه من رواية ابن وهب عن حي بن عبد اللّه وحي نظر فيه البخاري وقال أحمد‏:‏ أحاديثه مناكير، وقال ابن معين‏:‏ لا بأس به فلا اختلاف فيه ولم يصححه اهـ، وظاهر تقريره له على تحسينه لكن علم الحفاظ ابن حجر جزم بضعفه وتبعه السخاوي وردّ تصحيح الحاكم له بأنه منتقد‏.‏

8888 - ‏(‏من فرق‏)‏ بين والدة وولدها ‏(‏فليس منا‏)‏ أي ليس من العاملين بشرعنا المتبعين لأمرنا‏.‏

- ‏(‏طب عن معقل بن يسار‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه نصر بن طريف وهو كذاب‏.‏

8889 - ‏(‏من فطر صائماً‏)‏ بعشائه وكذا بتمر فإن لم يتيسر فبماء ‏(‏كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً‏)‏ فقد حاز الغني الشاكر أجر صيامه هو أو مثل أجر الفقير الذي فطره ففيه دلالة على تفضيل غني شاكر على فقير صابر، ووقع في رواية البيهقي من فطر صائماً أي فله مثل أجر من عمل الصوم لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم ويجوز كون من بمعنى ما والأصل كان له أجر ما عمله وهو الصوم‏.‏

- ‏(‏حم ت ه حب عن زيد بن خالد‏)‏ الجهني قال في اللسان‏:‏ عن العقيلي ليس يروى هذا من وجه يثبت‏.‏

8890 - ‏(‏من فطر صائماً‏)‏ هو عام في القادر على الفطر وغيره وكذا يقال في قوله ‏(‏أو جهز غازياً فله مثل أجره‏)‏ قال الطيبي‏:‏ نظم الصائم في سلك الغازي لانخراطهما في معنى المجاهدة مع أعداء اللّه وقدم الصائم لأن الصوم من الجهاد الأكبر جهاد النفس بكفها عن شهواتها‏.‏

- ‏(‏هق عنه‏)‏ أي عن زيد بن خالد وقضيته أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه فقد رواه النسائي في الصوم بجملته والترمذي وابن ماجه مقطعاً في الصوم وفي الجهاد‏.‏

8891 - ‏(‏من قاتل لتكون كلمة اللّه‏)‏ أي كلمة توحيده وهي الدعوة إلى الإسلام ‏(‏هي العليا‏)‏ بضم العين تأنيث أعلى ‏(‏فهو‏)‏ ‏[‏ص 188‏]‏ أي المقاتل ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ قدم هو ليفيد الاختصاص فيفهم أن من قاتل للدنيا أو للغنيمة أو لإظهار نحو شجاعة أو ذب عن نفس أو مال فليس في سبيل اللّه ولا ثواب له نعم من قاتل للجنة ولم يخطر بباله إعلاء كلمة اللّه فهو كالمقاتل للإعلاء إذ مرجعهما وهو رضا اللّه واحد، كذا قيل، وهل يشترط مقاربة قصد الإعلاء للقتال أو يكفي عند التوجيه‏؟‏ رجح البعض الثاني لكن أقول يشترط أن لا يأتي بمناف بينهما كما هو ظاهر‏.‏

- ‏(‏حم ق 4 عن أبي موسى‏)‏ الأشعري عبد اللّه ابن قيس قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل رياء أيّ ذلك في سبيل اللّه‏؟‏ فذكره‏.‏

8892 - ‏(‏من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة‏)‏ بالضم والفتح ما بين الحلبتين ‏(‏حرم اللّه على وجهه النار‏)‏ أي نار الخلود في الجحيم وإن مسه عذابها الأليم لذنب مّا، قال أبو البقاء‏:‏ في نصب فواق وجهان أحدهما أن يكون ظرفاً تقديره وقت فواق أو وقتاً مقدراً بذلك والثاني أن يكون جارياً مجرى المصدر أي قتالاً بقدر الفواق‏.‏

- ‏(‏حم عن‏)‏ أبي نجيح ‏(‏عمرو بن عنبسة‏)‏ السلمي رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد العزيز بن عبيد اللّه وهو ضعيف‏.‏

8893 - ‏(‏من قاد أعمى أربعين خطوة وجبت له الجنة‏)‏ أي دخولها وإن كان منه قبل ذلك ما كان لكن من البين أن الكلام فيما إذا قاده لغير معصية بل لو قيل باشتراط قصد الامتثال لم يبعد‏.‏

- ‏(‏ع طب‏)‏ عن ابن عمر قال الهيثمي‏:‏ وفيه عندهما علي بن عروة وهو كذاب ‏(‏عد‏)‏ بعدة أسانيد فيه عدة ضعفاء منها عن علي بن إسماعيل بن أبي النجم عن عامر بن يسار عن محمد بن عبد الملك الأنصاري وهو متروك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر ومنها عن إسماعيل بن محمد عن سليمان بن عبد الرحمن القشيري عن ثور عن ابن المنكدر عن ابن عمر ‏(‏حل هب‏)‏ عن طريق ابن عدي المذكورين ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ثم قال البيهقي‏:‏ إسناده ضعيف وقال ابن الجوزي‏:‏ له عنه طرق فيها كذابون فهو موضوع ‏(‏عد‏)‏ عن عبد اللّه بن محمد المكي عن عبد اللّه بن أبان الثقفي عن الثوري عن عمرو بن دينار ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ثم قال مخرجه ابن عدي‏:‏ عبد اللّه بن أبان حدث عن الثقات بالمناكير وهو مجهول اهـ‏.‏ واقتطاع المؤلف ذلك من كلامه غير صواب ‏(‏و‏)‏ من حديث ميمون بن سلمة عن المسيب بن واضح عن أبي البحتري عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ‏(‏هب عن أنس‏)‏ من طريقين في أحدهما المعلى بن هلال وفي الآخر أبو داود النخعي وبقية بن أسلم الثلاثة كذابون وتابع أبا داود يوسف بن عطية وهو ضعيف اهـ‏.‏ وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل‏.‏

8894 - ‏(‏من قاد أعمى‏)‏ مسلماً ويحتمل أن الذمي كذلك ‏(‏أربعين خطوة‏)‏ لفظ رواية الخطيب أربعين ذراعاً ‏(‏غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه‏)‏ الظاهر أن المراد الصغائر على ما مر‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة البحتري ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وفيه عبد الباقي ابن قانع أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال الدارقطني‏:‏ يخطئ كثيراً والمعلى بن مهدي قال أبو حاتم‏:‏ يأتي أحياناً بالمنكر‏.‏

8895 - ‏(‏من قال لا إله إلا اللّه‏)‏ أي مخلصاً ‏(‏نفعته‏)‏ وفي رواية أبي نعيم أنجته ‏(‏يوماً من دهره‏)‏ إن قرنها بمحمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال الغزالي‏:‏ ذكر في بعض الروايات الصدق والإخلاص فقال مرة من قال لا إله إلا اللّه مخلصاً ومعنى الإخلاص مساعدة الحال للمقال ‏(‏يصيبه‏)‏ وفي رواية أبي نعيم أصابه ‏(‏قبل ذلك ما أصابه‏)‏ لأنه إذا أخلص ‏[‏ص 189‏]‏ عند قول تلك الكلمة أفاض اللّه على قلبه نوراً أحياه به فبذلك النور طهر جسده فنفعته عند فصل القضاء وأهلته لجوار الجبار في دار القرار لكن ليس الغرض أنه يلفظ بهذا الكلام فحسب بل أنه عقد ضميره على التوحيد وجعل دين الإسلام مذهبه ومعتمده كما تقول قول الشافعي تريد مذهبه أشار إلى ذلك الزمخشري‏.‏

<فائدة> قال ابن عربي‏:‏ أوصيك أن تحافظ على أن تشتري نفسك من اللّه بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا اللّه سبعين ألف مرة فإن اللّه يعتق رقبتك أو رقبة من تقولها عنه بها ورد به خبر نبوي وأخبرني أبو العباس القسطلاني بمصر أن العارف أبا الربيع المالقي كان على مائدة وقد ذكر هذا الذكر عليها صبي صغير من أهل الكشف فلما مد يده للطعام بكى فقيل‏:‏ ما شأنك قال‏:‏ هذه جهنم أراها وأمي فيها فقال المالقي في نفسه‏:‏ اللّهم إني قد جعلت هذه التهليلة عتق أمه من النار فضحك الصبي وقال‏:‏ الحمد للّه الذي خرجْت أمي منها وما أدري سبب خروجها قال المالقي‏:‏ فظهر لي صحة الحديث قال ابن عربي‏:‏ وقد عملت أنا على ذلك ورأيت بركته‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏هب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الطبراني في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل يصيبه إلخ بعد ما يصيبه العذاب قال الطبراني‏:‏ لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص تفرد به الحسين بن علي‏.‏

8896 - ‏(‏من قال لا إله إلا اللّه مخلصاً‏)‏ زاد في رواية من قلبه ‏(‏دخل الجنة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ قوله مخلصاً وفي رواية بدله صدقاً أقيم مقام الاستقامة لأن ذلك يعبر به قولاً عن مطابقة القول المخبر عنه ويعبر به فعلاً عن تحري الأخلاق المرضية كقوله تعالى ‏{‏والذي جاء بالصدق وصدق به‏}‏ أي حقق ما أورده قولاً بما نحراه فعلاً وبهذا التقرير يندفع ما أوهمه ظاهر الأخبار من منع دخول كل من نطق بالشهادتين النار وإن كان من الفجار وقال الغزالي‏:‏ معنى الإخلاص أن يخلص قلبه للّه فلا يبقى فيه شركة لغيره فيكون اللّه محبوب قلبه ومعبود قلبه ومقصود قلبه ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لمنعها له عن مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب، قال الفخر الرازي‏:‏ اشترط القول والإخلاص لأن أحكام الإيمان بعضها يتعلق بالباطن وبعضها بالظاهر فمما يتعلق بالباطن أحكام الآخرة وذا متفرع على الإخلاص الذي هو باطن عن الخلق ومما يتعلق بالظاهر أحكام الدنيا وذا لا يعرف إلا بالقول فصار الإخلاص ركناً أصلياً في حق اللّه والقول ركناً شرعياً في حق الخلق وقال الدقاق‏:‏ معناه من قالها مخلصاً في قالته دخل الجنة في حالته وهي جنة المعرفة ‏{‏ولمن خاف مقام ربه جنتان‏}‏‏.‏

<فائدة> جلس الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق وقد اعتم بعمامة سوداء وأسدلها بين كتفيه والناس بين يديه ينظرون إليه فوقف عليه الفرزدق وقال‏:‏ يا أبا سعيد يزعم الناس أنه اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم قال‏:‏ من ومن قال‏:‏ أنت وأنا قال‏:‏ ما أنا بخيرهم ولا أنت بشرهم لكن ما أعددت لهذا اليوم قال‏:‏ شهادة أن لا إله إلا اللّه منذ سبعين سنة قال‏:‏ نعم واللّه العدة‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة اهـ وقد تناقض في هذا الحديث الحافظ العراقي فمرة حسنه وأخرى ضعفه‏.‏

8897 - ‏(‏من قال سبحان اللّه‏)‏ أي أنزهه عن النقائص ‏(‏العظيم وبحمده‏)‏ في محل الحال أي نسبحه حامدين له ‏(‏غرست له بها نخلة في الجنة‏)‏ أي غرست له بكل مرة نخلة فيها وخص النخل لكثرة منافعه وطيب ثمره قال في المطامح‏:‏ أسرار الأذكار وترتيبها في التجليات والواردات لا يعرفه إلا أهل السلوك والمنازلات والكلام فيه بغير ذوق كلام من وراء حجاب قال العراقي‏:‏ وغرس وغرز كلاهما بمعنى وضع على جهة الثبوت‏.‏

- ‏(‏ت حب ك عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ورواه عنه أيضاً النسائي وابن السني في يوم وليلة وحسنه واستغربه الترمذي وقال الحاكم‏:‏ صحيح على شرط مسلم‏.‏

8898 - ‏(‏من قال سبحان اللّه وبحمده في يوم‏)‏ واحد ‏(‏مئة مرة‏)‏ ولو متفرقة وفي أثناء النهار لكن متوالية وفي أوله وأول الليل أفضل ذكره النووي ‏(‏حطت خطاياه‏)‏ أي غفرت ذنوبه ‏(‏وإن كانت مثل زبد البحر‏)‏ كناية عن المبالغة في الكثرة وهذا وأمثاله نحو ما طلعت عليه الشمس كناية عبر بها عن الكثرة عرفاً قال ابن بطال‏:‏ والفضائل الواردة في التسبيح والتحميد ونحو ذلك إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحرام وغير ذلك فلا يظن ظان أن من أد من الذكر وأصر على ما شاء من شهواته وانتهك دين اللّه وحرماته أن يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازل الكاملين بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح قال عياض‏:‏ وظاهر قوله مثل زبد مع قوله في حديث التهليل محيت عنه خطايا مئة سنة أن التسبيح أفضل لكون عدد الزبد أضعاف المئة لكن قوله في التهليل ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به يقتضي أنه أفضل‏.‏

- ‏(‏حم ق ت ه عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8899 - ‏(‏من قال في القرآن بغير علم‏)‏ أي من قال فيه قولاً يعلم أن الحق غيره أو من قال في مشكلة بما لا يعرف من مذهب الصحب والتابعين ‏(‏فليتبوأ مقعده من النار‏)‏ أي فليتخذ لنفسه نزلاً فيها حيث نصب نفسه صاحب وحي يقوله ما شاء قال ابن الأثير‏:‏ النهي يحتمل وجهين أحدهما أن يكون له في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتناول القرآن على وفقه محتجاً به لغرضه ولو لم يكن له هوى لم يلح له منه ذلك المعنى وهذا يكون تارة مع العلم كمن يحتج منه بآية على تصحيح بدعته عالماً بأنه غير مراد بالآية وتارة يكون مع الجهل بأن تكون الآية محتملة فيميل فهمه إلى ما يوافق غرضه ويرجحه برأيه وهواه فيكون فسر برأيه إذ لولاه لم يترجح عنده ذلك الاحتمال وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلاً من القرآن فيستدل به بما يعلم أنه لم يرد به كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي بقوله ‏{‏اذهب إلى فرعون إنه طغى‏}‏ ويشير إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد بفرعون وهذا يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسيناً للكلام وترغيباً للسامع وهو ممنوع، الثاني أن يتسارع إلى تفسيره بظاهر العربية بغير استظهار بالسماع والنقل يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة والاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من فسر القرآن بغير علم فالنقل والسماع لا بد منهما أولاً ثم هذه تستتبع التفهم والاستنباط ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر إلى هنا كلامه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في التفسير ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً أبو داود في العلم والنسائي في الفضائل خلافاً لما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن فيه من جميع جهاته عبد الأعلى بن عامر الكوفي قال أحمد وغيره‏:‏ ضعيف وردوا تصحيح الترمذي له‏.‏

8900 - ‏(‏من قال في القرآن‏)‏ وفي رواية للترمذي وغيره من قال في كتاب اللّه وفي رواية من تكلم في القرآن ‏(‏برأيه‏)‏ أي بما سنح في ذهنه وخطر بباله من غير دراية بالأصول ولا خبرة بالمنقول ‏(‏فأصاب‏)‏ أي فوافق هواه الصواب دون نظر كلام العلماء ومراجعة القوانين العلمية ومن غير أن يكون له وقوف على لغة العرب ووجوه استعمالها من حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وعلم بأسباب نزول الآيات والناسخ والمنسوخ منها وتعرف لأقوال الأئمة وتأويلاتهم ‏(‏فقد أخطأ‏)‏ في حكمه على القرآن بما لم يعرف أصله وشهادته على اللّه تعالى بأن ذلك هو مراده أما من قال فيه بالدليل وتكلم فيه على وجه التأويل فغير داخل في هذا الخبر ولما لم يتفطن بعض الناس لإدراك هذا ‏[‏ص 191‏]‏ المعنى طعن في صحة الخبر وحاول إنكاره بغير دليل‏.‏

- ‏(‏3 عن جندب‏)‏ بن عبد اللّه البجلي رمز المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده وإلا ففيه سهل بن عبد اللّه بن أبي حزم تكلم فيه أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم وقال الترمذي‏:‏ تكلم فيه بعضهم‏.‏

8901 - ‏(‏من قام رمضان‏)‏ أي قام بالطاعة في رمضان أتى بقيام رمضان وهو التراويح أو قام إلى صلاة رمضان أو إلى إحياء لياليه بالعبادة غير ليلة القدر تقديراً ويحصل بنحو تلاوة أو صلاة أو ذكراً أو علم شرعي وكذا كل أخروي ويكفي بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة ‏(‏إيماناً‏)‏ تصديقاً بوعد اللّه بالثواب عليه ‏(‏واحتساباً‏)‏ إخلاصاً ونصبهما على الحال أو المفعول له وجمع بينهما لأن المصدق للشيء قد لا يفعله مخلصاً بل لنحو رياء والمخلص في الفعل قد لا يكون مصدقاً بثوابه فلا ملجىء لجعل الثاني تأكيداً للأول ‏(‏غفر له ما تقدم من ذنبه‏)‏ الذي هو حق للّه تعالى والمراد الصغائر قال الزركشي‏:‏ كل ما ورد من إطلاق غفران الذنوب كلها على فعل بعض الطاعات من غير توبة كهذا الحديث وحديث الوضوء يكفر الذنوب وحديث من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر اللّه له فحملوه على الصغائر فإن الكبائر لا يكفرها غير التوبة ونازع في ذلك صاحب الذخائر وقال‏:‏ فضل اللّه أوسع وكذا ابن المنذر في الأشراف فقال‏:‏ في حديث من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه قال‏:‏ يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها وحكاه ابن عبد البر عن بعض معاصريه قيل‏:‏ وأراد به أبا محمد الأصيلي المحدث أن الكبائر والصغائر يكفرها الطهارة والصلاة لظاهر الأحاديث قال‏:‏ وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو كان كما زعموا لم يكن للأمر بالتوبة معنى، وقد أجمع المسلمون أنها فرض والفروض لا تصح إلا بقصد ولقول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وفيه جواز قوله رمضان بغير إضافة شهر قال أصحابنا ويكره قيام الليل كله أي إدامته لا ليلة أو ليالي بدليل ندبهم إحياء ليلتي العيد وغيرهما‏.‏

- ‏(‏ق 4‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8902 - ‏(‏من قام ليلة القدر‏)‏ أي أحياها مجردة عن قيام رمضان ‏(‏إيماناً واحتساباً‏)‏ إخلاصاً من غير شوب نحو رياء طلباً للقبول‏.‏ هبه شعر بها أم لا، هذا مصدر في موضع الحال أي مؤمناً أو محتسباً أو مفعول من أجله قال أبو البقاء‏:‏ ونظيره في جواز الوجهين ‏{‏اعملوا آل داود شكراً‏}‏ ‏(‏غفر له ما تقدم من ذنبه‏)‏ وفي رواية وما تأخر قال الحافظ ابن رجب‏:‏ ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر بخلاف صيام رمضان وقيامه وقد يقال يغفر لهم عند استكمال القيام في آخر ليلة منه قبل تمام نهارها وتتأخر المغفرة بالصوم إلى إكمال النهار بالصوم‏.‏

- ‏(‏خ 3 عنه‏)‏ أي عن أبي هريرة‏.‏

8903 - ‏(‏من قام ليلتي العيد‏)‏ الفطر والأضحى أي أحياهما ‏(‏محتسباً‏)‏ للّه ‏(‏لم يمت قلبه يوم تموت القلوب‏)‏ أي لا يشغف بحب الدنيا لأنه موت أو يأمن من سوء الخاتمة ‏{‏أومن كان ميتاً فأحييناه‏}‏ أي كافراً، فهديناه ويحصل ذا بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة على ما مر‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي‏.‏

8904 - ‏(‏من قام في الصلاة فالتفت رد اللّه عليه صلاته‏)‏ أي لم يقبلها بمعنى أنه لا يثيبه عليها وأما الفرض فيسقط عنه ولا يلزمه قضاؤه، فإن الالتفات بالوجه في الصلاة لا يبطلها بل هو مكروه تنزيهاً فإن التفت بصدره بطلت حقيقة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه يوسف بن عطية وهو ضعيف‏.‏

8905 - ‏(‏من قام مقام رياء وسمعة فإنه في مقت اللّه حتى يجلس‏)‏ يعني حتى يترك ذلك ويتوب وفي رواية أحمد من قام مقام رياء وسمعة راءى اللّه به وسمع قال المنذري‏:‏ وإسناده جيد‏.‏

- ‏(‏طب عن عبد اللّه الخزاعي‏)‏ رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه يزيد بن عياض وهو متروك‏.‏

8906 - ‏(‏من قبل بين عيني أمه‏)‏ إكراماً لها وشفقة وتعظيماً واستعطافاً ‏(‏كان له ذلك‏)‏ أي ثوابه ‏(‏ستراً من النار‏)‏ أي حائلاً بينه وبينها مانعاً له من دخوله إياها ثم الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بخط الحفاظ بزيادة ما بعد قبل وهل مثل الأم أمهاتها والأب وآباه وفيه احتمال‏.‏

- ‏(‏عد هب‏)‏ كلاهما من حديث عقيل بن خويلد عن خلف بن يحيى القاضي عن أبي مقاتل عن عبد العزيز بن أبي رواد عبد اللّه بن طاوس عن أبيه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قضية صنيع المصنف أن مخرجه سكتا عليه وليس كذلك بل تعقبه ابن عدي بقوله منكر إسناداً ومتناً وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته وقال البيهقي‏:‏ إسناده غير قوي اهـ وقال ابن الجوزي‏:‏ موضوع فيه أبو مقاتل لا تحل الرواية عنه اهـ وفي الميزان حفص بن سليم أبو مقاتل السمرقندي وهاه ابن قتيبة شديداً وكذبه ابن مهدي وقال السليماني‏:‏ يضع الحديث ثم ساق له هذا الخبر قال في اللسان‏:‏ عن الحاكم والنقاش حدث بأحاديث موضوعة وكذبه وكيع اهـ‏.‏ ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئاً‏.‏

8907 - ‏(‏من قتل حية فكأنما قتل رجلاً مشركاً‏)‏ باللّه ‏(‏قد حل دمه‏)‏ لأنها شاركت إبليس في ضرر آدم وبنيه وعداوتهم وتظاهرت معه فكانت سبباً لإهباطه إلى الأرض فالعداوة بين بنيها وبينهم متأصلة متأكدة لا تبقى في ضررهم غاية فليس لها حرمة ولا ذمة‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث أبي الأحوص ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال أبو الأحوص‏:‏ بينا ابن مسعود يخطب فإذا بحية تمشي على الجدار فقطع خطبته ثم ضربها بقضيبه فقتلها ثم قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره ورواه عنه أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما ذكر الثلاثة‏:‏ رجال البزار رجال الصحيح‏.‏

8908 - ‏(‏من قتل حية أو عقرباً فكأنما قتل كافراً‏)‏ ومن قتل كافراً كان فداءه من النار لأنه عادى اللّه‏.‏

- ‏(‏خط عن ابن مسعود‏)‏ وأخرجه عنه الديلمي لكن بدون العقرب‏.‏

8909 - ‏(‏من قتل حية فله سبع حسنات ومن قتل وزغة‏)‏ بفتحات سامّ أبرص قال الزمخشري‏:‏ سمي وزغاً لخفته وسرعة حركته يقال لفلان وزغ أي رعشة وهو من وزغ الجنين في البطن توزيغاً إذا تحرك اهـ‏.‏ ‏(‏فله حسنة‏)‏ ومن له حسنة دخل الجنة كما في الخبر المار‏.‏

- ‏(‏حم حب عن ابن مسعود‏)‏‏.‏

8910 - ‏(‏من قتل عصفوراً‏)‏ بضم أوله ونبه بالعصفور لصغره على ما فوقه وألحق به تنزه المترفين بالاصطياد لا لأكل أو حاجة وفي رواية فما فوقها وهو محتمل لكونه فوقها في الحقارة والصغر وفوقها في الجثة والعظم ‏(‏بغير حقه‏)‏ في رواية حقها والتأنيث باعتبار الجنس والتذكير باعتبار اللفظ وحقها عبارة عن الانتفاع بها ‏(‏سأله اللّه عنه‏)‏ في رواية عن قتله أي عاقبه وعذبه عليه ‏(‏يوم القيامة‏)‏ تمامه عند مخرجه أحمد وغيره قيل‏:‏ وما حقها يا رسول اللّه قال‏:‏ أن تذبحه ‏[‏ص 193‏]‏ فتأكله ولا تقطع رأسه فترمى بها فما أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير صحيح وفي رواية للقضاعي وغيره من قتل عصفوراً عبثاً جاء يوم القيامة وله صراخ تحت العرش يقول رب سل هذا فيم قتلني من غير منفعة قال البغوي‏:‏ فيه كراهة ذبح الحيوان لغير الأكل قال الخطابي‏:‏ وفي معناه ما جرت به العادة من ذبح الحيوان عند قدوم الملوك والرؤساء وعند حدوث نعمة ونحو ذلك من الأمور‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص رمز لحسنه وفيه صهيب مولى ابن عامر قال الذهبي في المهذب‏:‏ كان حذاء بمكة فيه جهالة وقد وثق وهذا إسناده جيد اهـ‏.‏

8911 - ‏(‏من قتل كافراً‏)‏ ‏[‏من ثياب وسلاح ومركوب يقاتل عليه أو ممسكاً عنانه وهو بقاتل راجلاً، وآلته كسرج ولجام وعقود وكذا لباس كمنطقة وسواء وجنيية وهميان وما فيه من النفقة‏]‏ وفي رواية للبخاري من قتل قتيلاً ‏(‏فله سلبه‏)‏ أي فله أخذ ثيابه التي عليه والسلب بالفتح المسلوب ‏[‏أو كفانا شره بأن أثخنه أو أعماه أو قطع يديه أو رجليه أو أسره‏]‏ وهذا قاله يوم حنين فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً فأخذ أسلابهم قال ابن حجر‏:‏ ووهم من قال إنه قاله يوم بدر وإنما سماه قتيلاً والقتيل لا يقتل لاكتساب لباس مقدّمات القتل فهو مجاز باعتبار الأول من قبيل ‏{‏ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً‏}‏ وهذا الخبر حمله أبو حنيفة ومالك على أنه من التصرف بالإمامة العظمى فلا يكون السلب للقاتل إلا إذا نقله الإمام إياه وحمله الشافعي على الفتيا المقتضية للتشريع العام لأن ذلك هو الأغلب من تصرف النبي صلى اللّه عليه وسلم فلا يخمس السلب عند نابل هو للقاتل وإن لم ينقله الإمام‏.‏

- ‏(‏ق د ت عن أبي قتادة‏)‏ الأنصاري وفيه قصة ‏(‏حم د عن أنس حم ه عن سمرة‏)‏ بن جندب قال ابن حجر‏:‏ وسنده لا بأس به وقال الكمال بن أبي شريف في تخريج الكشاف‏:‏ وهم الشرف الطيبي في شرحه للكشاف حيث عزاه لأبي داود من حديث ابن عباس فإن الذي فيه أنه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم بدر من قتل قتيلاً فله كذا وكذا لم يقل فله سلبه‏.‏

8912 - ‏(‏من قتل معاهداً‏)‏ أي من له عهد منا بنحو أمان قال ابن الأثير‏:‏ وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب ‏(‏لم يرح‏)‏ بفتح أوليه على الأشهر وقد تضم الياء وتفتح الراء وتكسر ‏(‏رائحة الجنة‏)‏ أي لم يشمها حين شمها من لم يرتكب كبيرة لا أنه لا يجدها أصلاً كما يفيده أخبار أخر جمعاً بينه وبين ما تعاضد من الدلائل النقلية والعقلية على أن صاحب الكبيرة إذا كان موحداً محكوماً بإسلامه لا يخلد في النار ولا يحرم من الجنة ‏(‏وإن ريحها‏)‏ الواو للحال ‏(‏ليوجد‏)‏ في رواية يوجد بلا لام ‏(‏من مسيرة أربعين عاماً‏)‏ وروي مئة وخمس مئة وألف ولا تدافع لاختلافه باختلاف الأعمال والعمال والأحوال أو القصد المبالغة في التكثير لا خصوص العدد، والوعيد يفيد أن قتله كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره لكن لا يلزم منه قتل المسلم به‏.‏